الخارطة

06-10-2021 10:37 AM

الثقة نيوز - عبدالهادي راجي المجالي
أسهل شيء في الرسم هو خارطة فلسطين، كنت أتقنها..
جيدا وال أعرف لماذا هل ألن الشكل بسيط أو جميل أو يشبه
الخنجر؟... ال أعرف صدقا لكن ياما رسمتها على الجدران في
طفولتي، وياما عبأت ورق الدفتر بها.. حتى في حصص الفن
كانت أسهل لوحة, وكنت في كل حصة أقدمها لألستاذ..
األطفال كانوا يرسمون شجرة وأحيانًا نخلة وبعضهم رسم جمًال,
أنا كنت مختصًا بتلك الخارطة.. كنت ألون داخلها... ولم يعتب علي أستاذ أو يطلب مني
تغيير اللوحة..
ياما تعثرت في رسم األشجار, وحتى الوجوه لم تكن متقنة معي.... حاولت ذات يوم رسم
سميرة توفيق فقد كنت أحبها، حاولت رسم صقر.. لكن يدي لم تكن تتقن الخطوط
جيدًا...
في طفولتي ولكي أعبئ وقتي, كنت استل قلم الرصاص.. وأجربه على حيطان الممرات..
وأرسمها تارة كبيرة وتارة صغيرة, كانت أمي تنتج تحقيقًا مكثفًا ولكن في النهاية كنت
المدان الوحيد.. ألني الوحيد من أطفال عائلتي الذي يرسمها.. وألنها صارت مثل الدمغة
التي تدل على شغبي, لهذا لم استطع الكذب أو التنصل يومًا من االعترافات.. ويكون
العقاب دوما بحجم الخارطة ونوعية القلم..
فيما بعد اكتشفت أن الكل يجيد رسمها, لست وحدي من تفوق في ذلك.. فإذا أعطيت
11:56-05-10-2021- الثالثاء: تاريخالنشر
160 
 طباعة  طباعة مع التعليقات
Follow @alrai Like 3   
عبدالهادي راجي المجالي
10/6/21, 10:33 AM الرأي صحيفة - الخارطة
alrai.com/article/10608928/الخارطة/كتاب 2/3
طفًال في الخامس االبتدائي قلمًا.. حتمًا سيرسمها, حاولت أن أبحث عن األسباب.. ولكن
يبدو أن تكرار ظهورها في اإلعالم, وكونها قضية حاضرة في الذهن.. والكل يتحدث
عنها.. رسخت في عقول األطفال, ناهيك عن جمالية الشكل وسهولة الخطوط
وانسيابيتها...
اآلباء يورثون أطفالهم الشغب, والبارحة استغربت حين دخلت على غرفة أصغر أوالدي..
ووجدتها على الحائط, وعلى طرف السرير.. كانت رسمته متقنة مثل رسمتي حين كنت
في عمره, ولكن الغريب أني كنت أركز على بحيرة طبريا.. وهو على ما يبدو نسي البحيرة,
أنا لم أعاقبه ألني أصال أكره الجدران وال أحبها.. كل ما فعلته أني نبهته لمكان البحيرة...
ناهيك عن أن البحر الميت في زمني كان ما زال ممتدًا ولم يجف... يبدو أن البحر في
عمرهم جف... فهو لم يرسمه كله بالخطوط المتعرجة...
في طفولتنا األصل أن نرسم على الجدران وردة, أو شجرة.. أو جمال أو عصفوة محلقة...
ولكن تلك ظاهرة صرت ألحظها في منزلي.. وصرت ألحظها عند األطفال.. كلهم يجيدون
رسم خارطة فلسطين ويستمتعون بإجادتها..
المهم أني كبرت وغابت الجدران.. وظلت فلسطين في ذهني, وابني الذي ترس حيطان
غرفته بالخارطة سيكبر وسيترك الجدران.. لكن اتقانه لرسم الخارطة سيبقى حيا معه...
إسرائيل مثل الجدران التي نرسم عليها, حتى لو كانت قاسية وصلبة ومسلحة بالحديد
والباطون... إال أن الجدران تهدم وتغيب, لكن المهم ما يبقى في العقل... وكل ما ظل من
طفولتي, هو إجادتي لرسم خارطة فلسطين..
ويقولون القضية ستموت! ال تقلقوا مادام أطفالنا يرسمونها على الجدران.. فتأكدوا أن
الجدران هي من ستموت, وستبقى فلسطين...




التعليقات حالياً متوقفة من الموقع