كل هذي الجراح

10-10-2021 11:21 AM

الثقة نيوز -

عبدالهادي راجي المجالي اجبد

جاء تامر حسني لدينا ..اهلا أهلا , فتقاطرت الحشود ..ومن ضمن الفيديوهات التي شاهدتها , أن امرأة صرخت عند مخرج المطار قائلة : (تامرر ..تامر , ثم سقطت على الأرض ) ...

 

 يقال أن الحفلة لم تقم بمراعاة البروتوكول الصحي , أنا لايهمني البروتوكول الصحي .. , أنا يهمني بروتوكول الرجولة ...

 

الذين حضروا الحفل كانوا في عمر معاذ الكساسبة , هل ياترى هل حضر معاذ حفلات لتامر حسني ؟ ...معاذ كان يعرف بروتوكول الرجولة جيدا , حلق في طائرة تحمل أطنانا من القذائف , ورمى ...وأشعل النار في أوكارهم , وحين جاءت لحظته الأخيرة مشى للشهادة بخطى واثقة , هو الموت الذي كان خجلا منه ...وضم وطنا من الورد والحب والحياة , ثم اشتعلت النار ...لست أدري من هو الذي اشعل الاخر معاذ أحرق النار أم هي النار أحرقته ...؟ معاذ أسس بروتوكول الشرف والرجولة , وكم نحتاج لهذا البروتوكول ...

 

راشد الزيود النقيب الوسيم , هو الاخر استشهد ولم يكن أكبر في العمرمن الذين حضروا حفلة (تامر) ...راشد يحب الرقص ..ولكن على أنغام الرصاص والإقتحام والنار ...ليس على أنغام تامر طبعا , جاءت الطلقة الغادرة ولم يتأخر عن حتفه أبدا , وصعد شهيدا ...مثل زهر اللوز في أول انبلاج له , مثل الرشفة الأولى من العسل ..مثل صباحات (بني حسن) ..تفوح رائحتها بالقهوة والحياة , وكان منه بوجهه الأغر وزنده الحر وعسكريته القاسية , أن صاغ صفحات من بروتكول الشهادة والرجولة لهذا الجيل , كي يتعلم أن الأوطان لها مهر واضح محدد وهو الدم ...

 

ومعاذ الحويطات ..هذا الذي يشبه ما خطته يد تيسير السبول قبل أكثر من خمسين عاما : ( بدويا خطت الصحراء لاجدوى خطاه) ...كان في مثل أعمار من حضروا حفلة تامر ...لكن هذا الأسمر الصحراوي المغرق في البدواة , احتفاله لم يكن فيه صوت طبل ولا جيتار ولا موسيقى الباند ..قرر أن يحتفل بالشهادة والوطن والعسكرية على صوت انفجار , هدم المبنى الذي كان على سطحه ...وصعدت روحه إلى عليين نقية عذبة مطهرة من الدنس , صعد وقد أكمل بروتوكولات الرجولة كلها ..صاغها بدمه العذب , ووضعها للجيل الحالي ..كي يقرأها ويتعلم منها ..أن الرصاص في لحظة يكون نغما , والحياة وترا ...والخطى العسكرية أيقاع من لا ايقاع له ...

 

راشد ومعاذ والحويطات ...هؤلاء غادروا الدنيا , وهم في عمر الورد بل أصغر ..غادروها ولم تكتمل الأحلام بعد , لم يشاهدوا طفلا من أطفالهم يكبر ..لم تمنحهم الدنيا شيبا في الرأس ولا ايغالا بالعمر ....لماذا اختاروا الدم والبارود , كانوا أكبر من بروتوكلات الصحة , كانوا أكبر من تمايل البعض على أنغام تامر حسني ..كانوا أكبر من من كل هذا الذي يحدث وسيحدث ..كانوا أكبر من أن نترك فقرنا وتعب البلد , وفقر الناس ...ونذهب للرقص على أنغام (تامر) ...

 

سيقولون عني أني ضد الفرح , أني ضد حرية الناس ...أنا لست كذلك أبدا أنا ..أنا فقط أسأل ..كل هذه الجراح النازفة فينا ونحضر تامر حسني ؟...

 

الأردن صدقوني لايحتاج لبروتوكولات صحية , بقدر ما يحتاج لإعادة نشر بروتوكولات الرجولة وتعميمها أكثر .

 

[email protected]

 

عن الرأي





التعليقات حالياً متوقفة من الموقع