سياق سياسي لإعلان "المياه مقابل الطاقة"

28-11-2021 10:44 AM

الثقة نيوز -
محمود الريماوي
يمكن النظر من خلال منظورين الى "إعلان النوايا" الموقّع بين الأردن واسرائيل في دبي 22 نوفمبر الجاري بمشاركة دولة الإمارات ورعاية الولايات المتحدة والذي بات معروفا باسم "المياه مقابل الطاقة".

المنظور الأول اجرائي قانوني يضع هذا الإعلان في سياق تفعيل معاهدة السلام الأردنية الاسرائيلية الموقعّة في العام 1994، والتي تنص في الفقرة الثالثة من المادة السادسة التي تحمل عنوان المياه، على: "يعترف الطرفان بان مواردهما المائية غير كافية للإيفاء باحتياجاتهما الأمر الذي يتوجب من خلاله تجهيز كميات إضافية بغية استخدامها وذلك عبر وسائل وطرق مختلفة بما فيها مشاريع التعاون على الصعيدين الإقليمي والدول". بينما تنص الفقرة الأولى من المادة 19 التي تحمل عنوان: الطاقة على: "سيتعاون الطرفان في تنمية موارد الطاقة بما في ذلك تنمية المشاريع ذات العلاقة بالطاقة كاستغلال الطاقة الشمسية".

وفي هذا يحاجج مؤيدو إعلان النوايا بأن هناك حالة سلام متعاقد عليها بين الجانبين الأردني والاسرائيلي، وان الجديد في الأمر هو انه يتم اللجوء الى تفعيل بنود في المعاهدة تحت ضغط الحاجة الى المياه مع النمو المطرد في عدد السكان (ارتفع من 6 ملايين في العام 2010 الى اقل بقليل من 11 مليون نسمة في العام 2021) وفي مجالات استخدام المياه للزراعة والصناعة، مع بقاء موارده من المياه على ما هي عليه تقريبا وجزء منها يحصل عليه الاردن من اسرائيل بموجب الاتفاقية (55 مليون مترمكعب سنويا مقابل سنت اميركي للمتر المكعب). وقد قام الأردن في اكتوبر الماضي بشراء 50 مليون مترمكعب من اسرائيل من مياه بحيرة طبريا، لسد احتياجاته المائية المتزايدة.

المشروع الذي كشف عنه اعلان النوايا الجديد يقضي بأن تزود اسرائيل الاردن بـ 200 مليون مترمكعب من المياه مقابل تزويدها بالطاقة المتجددة الكهربائية، وذلك عبر مزارع خاصة في صحراء جنوب الاردن تتولى الإمارات اقامتها، مقابل ان تنال شركتان اماراتيتان تنفذا المشروع نصف الأرباح المتأتية عن المشروع فيما يذهب النصف الثاني الى الاردن (قدّرت هذه الأرباح بنصف مليار دولار سنويا). وبينما يقول متحدث باسم وزارة المياه والري الأردنية (عمر سلامة) إن الأردن "لم يوقع على اتفاقية مفصلة ومحددة، إنما تم التوقيع على إعلان نوايا يسمح باجراء دراسات جدوى حول مشروع جر مياه محلاة للأردن من إسرائيل، مقابل الطاقة".

ومن الواضح رغم ذلك ان دراسات تمهيدية قد جرت مسبقاً وتمخض عنها اعلان النوايا هذا.

هناك بالفعل مشكلة مياه في الاردن تجعله في المركز الثاني بين أفقر دول العالم مائيا، وكان يمكن لهذه المشكلة ان تكون اكبر من ذلك، لو أن الاردن مُصنّف كدولة صناعية تشهد توسعا صناعيا مطردا. ومع هذا فإن الأردن نجح على مدار عقود في ادارة ملف المياه على درجة من الكفاءة، جعلته يوفر مياه الشرب للمواطنين والسكان ولأغراض الزراعة والصناعة والتوسع العمراني والخدمات، بغير انقطاع ومن دون توقف يًذكر.

اما ملف المياه مع الاحتلال الاسرائيلي فمتشعب ويعود الى مطلع ستينيات القرن الماضي مع بدء تل ابيب بتحويل مياه نهر الاردن الى بحيرة طبريا، فيما اقامت بعدئذ عددا من السدود على عدد من الأودية التي تصب في وادي الرقاد، وهو رافد اساسي لنهر اليرموك وبسعة تخزينية تصل الى 15 مليون مترمكعب. وهو ما يُحتسب انتقاصا من حصة الاردن من النهر الذي يقع معظمه بطول 47 كم في الأراضي السورية من جملة 57 كم هي طول النهر وقد اقامت عليه السلطات هناك 37 سداً.




التعليقات حالياً متوقفة من الموقع